إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
193518 مشاهدة print word pdf
line-top
تأخير الصلاة عن وقتها

ولا يحل تأخيرها، أو تأخير بعضها عن وقتها لعذر أو لغيره، إلا إذا أضرها ليجمعها مع غيرها فإنه يجوز لعذر من: سفر، أو مطر، أو مرض، أو أو نحوها.



قوله: (ولا يحل تأخيرها، أو تأخير بعضها عن وقتها...):
يعني: لا يجوز تأخير الصلاة أو تأخير بعضها عن وقتها لا لعذر ولا لغيره، والدليل أن الله تعالى أمر بأدائها في وقتها في صلاة الخوف في حال المسايفة رجالا وركبانا: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة: 239] فإذا كان الشرع لم يجز تأخيرها حتى في وقت المسايفة؛ بل أمر بصلاتها (صلاة الخوف) وأسقط بعض الواجبات محافظة على وقتها، فدل ذلك على أنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها لأي عذر.
فإن قلت : أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- أخر صلاة العصر وهو يقاتل في غزوة الخندق، وقال: حبسونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر حتى غربت الشمس ؟
* فيقال: صحيح، ولكن كأنه لم ينبه المسلمين أن يصلوا في حال المسايفة، ورجا أن ينفض القتال قبل المغيب؛ لذلك استمروا يقاتلون حتى غربت الشمس، فصلاها بعد الغروب.
قوله: (إلا إذا أخرها ليجمعها مع غيرها... إلخ):
يجوز تأخير الصلاة إذا كانت مما يجمع مع ما بعدها لعذر كسفر أومرض مطر، فإذا دخل عليه وقت الظهر وهو مسافر يسير أو أراد مواصلة السير جاز له أن يؤخرها حتى ينزل لصلاة العصر، فيصلي الاثنتين مجموعتين جمع تأخير، وإذا دخل عليه وقت المغرب وهو يسير جاز له أن يؤخر المغرب حتى ينزل مرة واحدة لصلاة العشاء، فيصلي الصلاتين جمع تأخير.
وكذلك المريض الذي يشق عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة يجوز له جمع التقديم أو جمع التأخير، فيتوضأ للظهر -مثلا- ويقدم العصر، أو يؤخر الظهر حتى يأتي وقت العصر، فيتوضأ لهما وضوءا واحدا إذا كان يشق عليه.
وكذلك الجمع للمطر الذي يؤذي الناس فيجوز الجمع له إذا كان مستمرا، بحيث يشق على الناس مشقة عظيمة الحضور إلى المساجد، أو كان في طريقهم إلى المسجد مستنقعات وطين ومزلة أقدام، فيخشى أنهم إذا لم يجمعوا يشق عليهم أن يحضروا لصلاة العشاء.

line-bottom